کد مطلب:168092 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:182

من هو ابوالفضل العباس بن امیرالمومنین؟
مولانا أبوالفضل العبّاس بن أمیرالمؤمنین علیّ (ع)، وأمّه أم البنین فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابیّ صلوات اللّه علیها، وهوأكبر أولادها، ولدته فی الرابع من شعبان سنة ستّ وعشرین من الهجرة، وكان عمره الشریف عند شهادته أربعاً وثلاثین سنة. [1] .

والحدیث حول هذه الشخصیّة الاسلامیّة المقدّسة الفذّة یستدعی بالضرورة أنْ یُفرد له كتاب مستقل، [2] وحیث لایسعنا ذلك فی إطار هذه الدراسة (مع الركب الحسینی من المدینة الی المدینة)، فإننّا هنا لكی لانُحرم من توفیق أداء بعض حقّه العظیم علینا نقدّ متبرّكاً باقة من النصوص الواردة فی حقّه (ع)، الكاشفة عن عظمته وسموّ منزلته:

قال الامام زین العابدین علیّ بن الحسین (ع):

(رحم اللّه العبّاس، فلقد آثر وأ بلی وفدی أخاه بنفسه حتی قُطعت یداه، فأبدله اللّه عزّوجلّ بهما جناحین یطیر بهما مع الملائكة فی الجنّة كما جعل


لجعفر بن أبی طالب! وإنّ للعباس عنداللّه تبارك وتعالی منزلة یغبطه بها جمیع الشهداء یوم القیامة.). [3] .

وعن الامام الصادق (ع): (كان عمّنا العبّاس نافذ البصیرة، صلب الایمان، جاهد مع أبی عبداللّه (ع)، وأبلی بلاء حسناً ومضی شهیداً..). [4] .

وفی زیارته الواردة عن الامام الصادق (ع) من العبائر العجیبة الكاشفة عن جلالة رتبة مولانا أبی الفضل (ع) وعظمة منزلته ما یحیّر الالباب! فلنقراء معاً:(قال الصادق (ع): إذا أردت زیارة قبر العبّاس بن علیّ، وهو علی شطّ الفرات بحذاء الحائر، فقف علی باب السقیفة وقل:

سلامُ اللّه، وسلام ملائكته المقرّبین، وأنبیائه المرسلین، وعباده الصالحین، وجمیع الشهداء والصدّیقین، والزاكیات الطیّبات فیما تغتدی وتروح، علیك یا ابن أمیرالمؤمنین. أشهدُ لك بالتسلیم والتصدیق والوفاء والنصیحة لخلف النبیّ(ع)المُرسل، والسبط المنتجب، والدلیل العالم، والوصیّ المبلّغ، والمظلوم المهتضم، فجزاك اللّه عن رسوله، وعن أمیرالمؤمنین، وعن الحسن والحسین صلوات اللّه علیهم،أفضل الجزاء بما صبرت واحتسبت وأعنت، فنعم عقبی الدّار، لعناللّه من قتلك، ولعن اللّه من جهل حقّك واستخفّ بحرمتك، ولعن اللّه من حال بینك وبین ماء الفُرات، أَشهدُ أنك قُتلت مظلوماً، وأنّ اللّه منجزٌ لكم ما وعدكم.

جئتك یا ابن أمیرالمؤمنین وافداً إلیكم، وقلبی مُسلّم لكم، وأنالكم تابع، ونصرتی لكم مُعدَّة حتی یحكم اللّه وهو خیر الحاكمین،فمعكم معكم لامع عدوّكم، إنّی بكم وبإیابكم من


المؤمنین، وبمن خالفكم وقتلكم من الكافرین، قتل اللّه أمّة قتلتكم بالایدی والالسن.

ثمَّ ادخل وانكبّ علی القبر وقُلْ:

السّلام علیك ایها العبدُ الصالح، المطیع للّه، ولرسوله، ولامیرالمؤمنین، والحسن، والحسین علیهم السّلام، السّلام علیك و رحمةاللّه وبركاته ورضوانه، وعلی روحك وبدنك، وأشهدُ اللّه أنّك مضیتَ علی ما مضی علیه البدریّون، المجاهدون فی سبیل اللّه، المناصحون له فی جهاد أعدائه، المبالغون فی نصرة أولیائه، الذّابون عن أحبّائه، فجزاك اللّه أفضل الجزاء، وأكثر الجزاء، وأوفر الجزاء، وأوفی جزاء أحد ممّن وفی ببیعته، واستجاب له دعوته، وأطاع ولاة أمره، أشهد أنّك قد بالغت فی النصیحة، وأعطیت غایة المجهود، فبعثك اللّهفی الشهداء، وجعل روحك مع أرواح الشهداء (السعداء)، [5] وأعطاك من جنانه أفسحها منزلاً، وأفضلها غرفاً، ورفع ذكرك فی علیّین، وحشرك مع النبیّین والصدّیقین والشهداء والصالحین،وحسن أولئك رفیقاً، أَشهدُ أنّك لم تَهِنْ ولم تنكُل، وأنّك مضیت علی بصیرة من أمرك، مقتدیاً بالصالحین،ومتّبعاً للنبیین، فجمع اللّه بیننا وبینك وبین رسوله وأولیائه فی منازل المخبتین، فإنّه أرحم الراحیمن.). [6] .

وورد السلام علیه فی زیارة الناحیة المقدّسة: (السّلام علی أبی الفضل العبّاس بن أمیرالمؤمنین، المواسی أخاه بنفسه، الاخذ لغده من أمسه، الفادی له، الواقی، الساعی إلیه بمائه،المقطوعة یداه، لعن اللّه قاتله یزید [7] بن الرُقّاد الجُهَنیّ، وحكیم بن الطُّفیل الطّائی.). [8] .

وكان مولانا أبوالفضل (ع) قد قدّم إخوته لامّه وأبیه وهم:عبداللّه، وجعفر،


وعثمان إلی القتال یوم عاشوراء لیستشهدوا قبله فیحتسبهم عند اللّه تعالی، فقد قال لاوّلهم: (تقدّم بین یدی حتی أراك واحتسبك فإنّه لا ولدلك!). [9] .

(وكان العبّاس رجلاً وسیما جمیلاً، یركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان فی الارض، وكان یُقال له: قمر بنی هاشم!، وكان لواء الحسین بن علی (ع) معه یوم قُتل.). [10] .

وفی الیوم العاشر (لمّا نشبت الحرب بین الفریقین تقدّم عمرو بن خالد الصیداوی، ومولاه سعد، ومجمع بن عبداللّه، وجنادة بن الحرث، فشدّوا مقدمین بأسیافهم علی الناس، فلمّا وغلوا فیهم عطف علیهم الناس فأخذوا یحوزونهم، وقطعوهم من أصحابهم، فندب الحسین(ع) لهم أخاه العبّاس، فحمل علی القوم وحده! فضرب فیهم بسیفه حتّی فرّقهم عن أصحابه وخلص إلیهم فسلّموا علیه،فأتی بهم، ولكنّهم كانوا جرحی فأبوا علیه أن یستنقذهم سالمین، فعاودوا القتال وهو یدفع عنهم حتّی قُتلوا فی مكان واحد فعاد العباس إلی أخیه وأخبره خبرهم.). [11] .

وكان صلوات اللّه علیه یُلقّب بالسقّاء، [12] وهوحامل لواء الحسین (ع). [13] .

وكان الامام الحسین (ع) یحبّ أخاه العبّاس حبّاً خاصاً فائقاً، حتّی كان(ع)


یفدّی أبا الفضل (ع) بنفسه القدسیّة!

روی الطبری أنّ عمر بن سعد لعنه اللّه لمّا زحف یوم الخمیس التاسع من المحرّم بعد صلاة العصر بجیوشه نحو معسكر الامام الحسین (ع)، قال الامام (ع) لاخیه أبی الفضل (ع): (یا عبّاس! إركب بنفسی أنتَ یا أخی! حتّی تلقاهم فتقول لهم مالكم وما بدالكم، وتساءلهم عمّا جاء بهم!؟). [14] .

ولقد نجح أبوالفضل العبّاس (ع) فی جمیع الاختبارات الالهیة الصعبة التی تعرّض لها حتّی استُشهد صلوات اللّه علیه، لكنّ أسمی وأروع تلك الاختبارات فی مراقی الكمال والفداء والایثار كان یوم العاشر بعد أن قُتل أنصار الامام (ع) من أهل بیته وصحبه الكرام، وضاق صدرأبی الفضل (ع) بالبقاء فی دار الفناء وسئم الحیاة، فجاء إلی الامام الحسین یستأذنه فی قتال القوم،فقال له الحسین (ع): إنْ عزمت فاستقِ لنا ماءً! [15] فأخذ قربته وحمل علی آلاف الاعداء حتّی كشفهم عن الشریعة، ثمَّ ملاالقربة، واغترف من الماء غرفة لیشرب وقلبه كما الجمر من العطش! لكنّه ذكر عطش الحسین (ع) ومن معه فرمی بالماء من یده وقال:



یا نفسیُ مِنْ بعدِ الحسین هونی

وبعده لاكُنتِ أن تكونی



هذا الحسین وارد المنون

وتشربین بارد المعین!؟



تا اللّه ما هذا فعال دینی [16] .

ولمّا صُرع أبوالفضل وخرّ إلی الارض بلایدین! نادی بأعلی صوته: أدركنی یا أخی! فانقضّ علیه أبوعبداللّه كالصقر! فرآه مقطوع الیمین والیسار، مرضوخ




الجبین، مشكوك العین بسهم، مرتثّاً بالجراحة، فوقف علیه منحنیاً! وجلس عند رأسه یبكی حتی فاضت نفسه المقدّسة، ثمّ حمل الامام (ع) علی القوم فجعل یضرب فیهم یمیناً وشمالاً، فیفرّون من بین یدیه كما تفرّ المعزی إذا شدَّ فیها الذئب! وهویقول: أین تفرّون وقد قتلتم أخی!؟ أین تفرّون وقد فتتم عضدی!؟ ثم عاد إلی موقفه منفرداً! [17] .

(ولمّا قُتل العباس قال الحسین (ع): الان انكسر ظهری وقلّت حیلتی!). [18] .

ولقد تركه الامام الحسین (ع) فی المكان الذی صُرع فیه، ولم یحمله إلی خیمة الشهداء كما فعل بمن سبقه منهم!

ولقد أجاد المحقّق المرحوم السیّد المقرّم حیث قال: (وتركه فی مكانه لسرٍّ مكنون أظهرته الایّام، وهو أن یُدفن فی موضعه منحازاً عن الشهداء، لیكون له مشهدٌ یُقصد بالحوائج والزیارات! وبقعة یزدلف إلیها النّاس، وتتزلّف إلی المولی سبحانه تحت قبّته التی ضاهت السماء رفعة وسناءً، فتظهر هنالك الكرامات الباهرة، وتعرف الامّة مكانته السامیة،ومنزلته عند اللّه تعالی، فتؤدّی ما وجب علیهم من الحبّ المتأكد والزیارات المتواصلة، ویكون علیه السلام حلقة الوصل فیما بینهم وبین اللّه تعالی، فشاء حجّة الوقت أبوعبداللّه (ع) كما شاء المهیمن سبحانه أن تكون منزلة (أبی الفضل) الظاهریة شبیهة بالمنزلة المعنویة الاُخرویة، فكان كما شاءا وأحبّا). [19] .

والسلام علی مولانا أبی الفضل العباس مادام اللیل والنهار!



[1] راجع: مستدركات علم رجال الحديث، 4:350، رقم 7448.

[2] وبالفعل فهناك دراسات وكتب قيّمة حول شخصيّة مولانا أبي الفضل العبّاس (ع)، منها علي سبيل المثال: كتاب: العبّاس بن الامام أميرالمؤمنين علي بن أبيطالب (ع)، للمحقّق المرحوم السيّد عبدالرزاق المقرّم، وكتاب:بطل العلقمي، للشيخ المرحوم عبدالواحد المظفّر.

[3] أمالي الصدوق: 373-374، المجلس السبعون حديث رقم10 ورواه أيضاً في كتاب الخصال، 1:68 باب الاثنين حديث رقم101.

[4] قاموس الرجال، 6:29، رقم 3903 عن عمدة الطالب: 356.

[5] في البحار، 101: 278، باب 30، حديث رقم 1، السعداء بدل الشهداء.

[6] كامل الزيارات: 269-270، باب 85، حديث رقم 1.

[7] زيد بن رقاد الجهني، كما في مقاتل الطالبيين: 56 وتاريخ الطبري، 4: 358.

[8] البحار، 45: 66.

[9] مقاتل الطالبين: 54.

[10] مقاتل الطالبين: 56.

[11] إبصار العين: 61، وانظر تأريخ الطبري، 4:340.

[12] راجع: إبصار العين: 62، وانظرمقاتل الطالبيين: 55، ومقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1:347 و2:34.

[13] راجع: الاخبار الطوال: 256؛ والارشاد: 260.

[14] تاريخ الطبري، 4:315.

[15] راجع: إبصار العين: 62.

[16] راجع: مقتل الحسين (ع)، للمقرّم: 268.

[17] راجع: إبصار العين: 62-63.

[18] راجع: البحار، 45: 42، ومقتل الحسين (ع)، للخوارزمي،2:34.

[19] مقتل الحسين (ع)، للمقرّم: 270.